الي اين يتجه اليورو ؟
١٤ ديسمبر، ٢٠١٥ 0 648
 بعد التداعيات المصاحبة لنتائج الاجتماع الأخير للبنك المركزي الأوروبي شهدنا حركة هبوطية أعقبت توقف مكاسب اليورو يوم الخميس الماضي، فيما نجحت العملة الموحدة على الجانب الآخر من الابتعاد نسبياً عن حاجز التعادل أمام الدولار الأمريكي.

وكما أشرنا الأسبوع الماضي استقرت تعاملات اليورو دولار في النطاق 1.0800 – 1.1450 خلال الشهور الستة الأخيرة وقد يكون التحرك الأخير إلى قيعان هذا النطاق التوطيدي إشارة إلى تماسكه على الأقل حتى العام المقبل.

يمكننا الآن أن نتوقف لحظة للتفكير بعمق بعد انقشاع غبار الأحداث الهامة التي شهدها الأسبوع الماضي. قدم ماريو دراجي وعوداً بمزيد من الإجراءات التحفيزية عن طريق خفض الفائدة بـ10 نقطة أساس للوصول بمعدل الفائدة التي يجري تقاضيها على الإيداعات باليورو إلى -30 نقطة أساس، فيما سيمدد البنك المركزي الأوروبي مخصصات برنامجه للتسهيل الكمي والمقدر بــ 60 مليار يورو شهريا حتى مارس 2017 على الأقل (الموعد السابق كان سبتمبر 2016).

بالقطع لا يمكن الاستهانة بضخ 360 مليار يورو إضافية خلال 6 أشهر مع إمكانية تمديد البرنامج إلى ما بعد مارس 2017. هل يعكس ذلك بأي صورة من الصور ارتياح البنك المركزي للأوضاع الاقتصادية الحالية في منطقة اليورو. وهل يمكن لأحد التفكير في رفع أسعار الفائدة خلال أي وقت قريب؟

الإجابة على هذه التساؤلات هي بالقطع نعم لا وبكل وضوح. وحتى إذا كان السبب في امتناع دراجي عن رفع مستوى الحوافز النقدية هو وجود معارضة في أوساط مجلس محافظي المركزي الأوروبي أو البنك المركزي الأوروبي، فلربما يقتصر الأمر على الانتظار بعض الوقت إلى حين إظهار برنامج التسهيل الكمي الحالي مدى فعاليته في التأثير على مستويات التضخم. وفي حالة الفشل في إظهار إشارات على العودة إلى المستوى المستهدف عند 2% – هل يمكننا توقع المزيد من الإجراءات؟ وعلى أقل تقدير لن تطرح أي أفكار للتشديد النقدي على الطاولة حتى مارس 2017.

على الجانب الآخر من الأطلنطي أظهرت قوة أرقام الوظائف بالقطاع غير الزراعي استمرار زخم التوظيف في الاقتصاد الأكبر عالمياً بموازاة ارتفاع الأجور بنسبة 2.25% على أساس سنوي. وبات من المؤكد تقريباً أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في 16 ديسمبر المقبل والذي سيكون بالطبع الأول في سلسة من الارتفاعات التدريجية، في الوقت الذي سيظل فيه المركزي الأوروبي دون حراك في هذا المضمار على أقل تقدير.

ذكرت خلال الأسبوع الماضي أن زوج اليورو دولار تحرك بعيداً جداً وسريعاً للغاية أسفل المستوى 1.0600 ولكن بعد أن شهدنا الآن ارتداد إلى المستوى 1.0900 قد يجدر النظر في احتمال تزايد تكلفة الاحتفاظ باليورو كأداة تمويليه للاستثمار في العملات الأخرى مرتفعة العائد حينما تتزايد شهية السوق على المخاطرة. الطريقة الأبسط لقياس ذلك هو متابعة ما يجري في أسواق الأسهم حيث سيعكس ارتفاعها تزايد الإقبال على العملات مرتفعة المخاطرة والعكس بالعكس.

أتوقع أن يشهد هذا الأسبوع تقلبات حادة بينما سنراقب الارتباط بين اليورو مع مؤشر S&P 500  للتأكد ما إذا كان السوق سوف يتفاعل بالطريقة التي أتوقعها. العامل المحوري في هذا الصدد هو ما إذا كان بائعي اليورو على المدى القصير قد نفضوا أيديهم وبدءوا بالجلوس إلى الزاوية أم لازال لديهم استعداد إضافي لمواصلة النشاط. وفي حال كان هناك المزيد من عمليات تغطية مراكز البيع يمكننا توقع المستوى التالي للمقاومة حول 1.1000/50 وذلك اذا تمكن السعر من كسر قمة الأسبوع الماضي عند 1.0975.

شخصياً لازلت أفضل فكرة بيع اليورو ولكن تساورني مخاوف في نفس الوقت من تزايد التقلبات مقابل الدولار الأمريكي على وجه الخصوص. لهذا قد أفضل بيع الفرنك السويسري في ظل التوقع بأن يبذل البنك المركزي السويسري قصارى جهده لإضعاف الفرنك، وهو ما قد يبدأه هذا الأسبوع بخفض سعر الليبور إلى مستويات أكثر سلبية من -0.75% حالياً. ولكن إذا نظرنا إلى تحركات الفرنك خلال الأسبوع الماضي في أعقاب اجتماع المركزي الأوروبي، قد يكون مستبعدا اتخاذ المركزي السويسري لخطوة خفض الفائدة في المدى القريب، ولكن أيضاً دون تجاهل فرضية أن يأخذ السوق على حين غرة كما اعتاد دائماً!

لازال أيضاً يراودني شعور بأن البنك المركزي الياباني ليس حريصاً على اعتماد المزيد من إجراءات التحفيز النقدي لتنشيط الاقتصاد المحلي بينما سيفضل سياسة الترقب والانتظار؛ وهو ما قد يقود بدورة إلى ارتفاع الين الياباني أمام باقي العملات. لهذا قد أفضل بيع EUR/JPY (134.25) عند أو قرب المستوى 134.50/135 مع بيع CHF/JPY أعلى 125 إذا كان ذلك متاحاً بعد اجتماع البنك المركزي السويسري.

اخترت زوج EUR/GBP “للتحوط” كما ذكرت الأسبوع الماضي فيما قررت الخروج أعلى المستوى 0.72 بسبب عدم التيقن من الاتجاه الحالي للإسترليني. أفضل الحياد حالياً رغم التوقع بتراجع الباوند دولار إلى ما دون المستوى 1.50 خلال الأسابيع المقبلة بمجرد عودة العملة الخضراء إلى التعافي وبالتالي قد نفكر في فتح صفقة بيع عند 1.5250 إذا ما وصل الزوج إلى هناك.

تجاوز الدولار الاسترالي المقاومة 0.7300 وهو ما يدفعني إلى الاعتقاد بأنه قد يبطئ وتيرة الحركة ويوطد موضعه عند هذا المستوى في المدى القريب. أنا على الحياد أيضاً في هذا الشأن ولكن مع الاستمرار في متابعة زوج AUD/NZD عن كثب بعد تراجعه لإغلاق تعاملات الأسبوع تحت المستوى 1.0900 بعد كسر المقاومة 1.0950 – 1.1000. سيعقد بنك الاحتياطي النيوزلندي اجتماعه خلال هذا الأسبوع وبالتالي يمكننا توقع عودة السعر إلى مستوى المقاومة المذكور، وفي حال عدم الكسر أعلاه يمكننا توقع حركة هبوطية للعودة إلى 1.0500.

ولتلخيص توقعاتنا خلال هذا الأسبوع، من المرجح أن نشهد تقلبات حادة مع عودة الأنظار نحو اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال الأسبوع المقبل بجانب الانخفاض المعتاد في مستوى السيولة خلال ديسمبر. ولهذا من المستحسن توخي الحرص بشأن أي صفقات مفتوحة في الوقت الحالي مع الاستعداد للتصرف بسرعة بموازاة الاحتفاظ بأوامر وقف قريبة وأحجام تداول أصغر من المعتاد. ديسمبر هو دائماً شهر التذبذبات الحادة ويبدو أنه سيحافظ على تلك العادة في نهاية هذا العام.