الكشف عن اكبر قضية احتيال مرتبطة بسوق الفوركس في مصر
٨ يونيو، ٢٠١٥ 0 902
 
 
 
 
 
 
 
 الاتهامات الموجهة فى هذا الملف، وفقا للبلاغات لم تقف عند أشخاص عاديين، بل تجاوزت إلى ضباط، بل ووصلت لمسئولين سابقين وحاليين فى مقدمتهم وزراء المالية، منذ عهد يوسف بطرس غالى، وحتى مسئولين فى الحكومة الحاليةواتهمتهم بالتواطؤ والمساهمة والاشتراك مع هذه الشركات فى تهريب احتياطى النقد الأجنبى للخارج، خاصة أن جميع التعاملات تكون بالدولار الأمريكى.

ونشرت جريدة الفجر المصرية في عددها الاخير تفاصيل تحقيقات النيابة العامة، وتحريات إدارة النقد والتهريب بمباحث الأموال العامة، فى أكبر قضية توظيف أموال فى مصر فى العصر الحالى، وفقا لوصف النائب العام لها، من خلال ما يعرف بـ«الفوركس»، تقدر قيمتها بنحو 2 مليار دولار أمريكى أى أكثر من 15 مليار جنيه مصرى، وهى القضية المعروفة باسم قضية «ستار»، والتى أمر النائب العام المستشار هشام بركات بإحالة المتهمين فيها وعددهم 12 متهماً من بينهم ضابط شرطة سابق وآخرون، إلى محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية لمحاكمتهم.

تضم القضية كلاً من المتهم الرئيسى هانى لطفى عواد عبدالوهاب– 37 سنة– حاصل على بكالوريوس فنون تطبيقية وصاحب ومدير منشأة «ديجيتال ديسيجن»، وزوجته نهى عبدالفتاح سعيد عبده الحلبى– 32 سنة– شريكته بالشركة ومذيعة سابقة، وشقيقته هبة– 34 سنة– حاصلة على بكالوريوس فنون جميلة، وشقيقه الأكبر أيمن– 40 سنة– حاصل على بكالوريوس تجارة وصاحب ومدير شركة «رامو» للاستيراد، ووالدهم «لطفى»– 70 سنة– مدير عام بالمعاش، وتهانى مصطفى كمال سعيد رامز– 50 سنة– مديرة سابقة بشركة «أميريكان إكسبريس»، وزوجة والده.

وتضم أيضا كلاً من، أحمد عاطف زكى عبدالرؤوف– 32 سنة– حاصل على الإعدادية، مدير وشريك بالشركة المصرية للتسويق، وأحمد سعيد محمد القليوبى– 33 سنة– حاصل على الابتدائية عضو مجلس إدارة شركة «ستار كابيتال للتسويق»، ومحمد عصام محمد خاطر– 32 سنة– رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة الشرق الأوسط للنقل البحرى، والرائد عمرو سامى شفيق كريم– 36 سنة– ضابط شرطة سابق، وصاحب شركة «سى بى إيه» للتسويق وإدارة صناديق الاستثمار، وأمير مدحت عبدالتواب إسماعيل– 31 سنة– مدير تنمية الأعمال بشركة «سى بى إيه»، وشقيقه أحمد – 36 سنة – شريك بشركة ستار كابيتال للاستشارات المالية.

التحقيقات كشفت أن المتهم الأول هانى لطفى عواد عبدالوهاب، مسجل، وسبق اتهامه فى العديد من قضايا النصب، والشيكات بدون رصيد، وخيانة الأمانة، وذلك خلال الفترة من عام 2004 وحتى عام 2012، وأنه هرب خارج البلاد خشية توالى البلاغات ضده وملاحقته جنائيا، وتبين من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية، أنه خارج البلاد بتاريخ 11 يناير 2014، وأنه موضوع على قوائم «الإنتربول» الدولى للقبض عليه ومتواجد فى دولة الإمارات المتحدة.

وأنه قام بتأسيس شركة باسم «ستار كابيتال للتسويق» بسجل تجارى رقم 57063 استثمار القاهرة، والتى يتشكل مجلس إدارتها من المتهم المذكور، و3متهمين آخرين وهم أحمد عاطف زكى عبدالرازق، وأحمد سعيد محمد القليوبى، ومحمد عصام محمد خاطر، بنسبة 25% لكل منهم من قيمة الأسهم.

وقام بتأسيس عدة شركات خارج البلاد الأولى باسم «ستار كابيتال فاينينشال ليمتد»، والثانية باسم «ستار كابيتال فاينينشال سيرفس ليمتد»، والشركة الأخيرة باسم «ستار بنك ليمتد»، وجميع هذه الشركات مملوكة للمتهم بنسبة 100%، وكائنة خارج البلاد.

وقام المتهم بممارسة نشاط تلقى الأموال من المواطنين لاستثمارها فى مجال المضاربة بالبورصات العالمية، ومجالات أخرى، وذلك نظير أرباح، حيث بدأها بتقديم الدعوة العامة للجمهور من خلال سبل عديدة منها استخدام موقع إلكترونى قام بإنشائه وتزويده بمحتوى تضمن التعريف بالشركة ونشاطها فى مجال المضاربة بالبورصات العالمية نظير أرباح، مدعيا أن لها فروع فى العديد من دول العالم منها مصر، ويمكن التواصل مع الشركة داخل البلاد من خلال خدمة الكول سنتر على الأرقام (24886935 – 22300106).

واستخدام مقر شركة «ستار كابيتال للتسويق»، الكائن بمنطقة «المعادى»، فى التواصل مع العملاء باسم الشركة بالخارج، وذلك بأسلوب يوحى للعملاء أن الشركة الأم هى ذات الشركة بالمعادى، وأمن من خلاله جذب العديد من العملاء الذين قاموا بإيداع أموالهم فى حساب الشركة بالخارج بغرض تحقيق أرباح نظير تلك الأموال.

وأن بقية المتهمين ساعدوه واشتركوا معه فى توجيه الدعوة للجمهور لجمع الأموال لتوظيفها واستثمارها فى مجال المضاربة فى البورصات العالمية والمعروف باسم «الفوركس»، وتجارة المعادن والعقارات مقابل فائدة شهرية تتراوح بين 5% إلى 10%، وأن من بين المتهمين من قام بالترويج له، وآخرين قاموا بمشاركته فى تأسيس الشركات وإدارتها.

وقد ذاع صيت الشركة بين جموع المواطنين راغبى استثمار أموالهم إلى أن أصبح لها آلاف العملاء الذين أودعوا أموالهم بالنقد الأجنبى فى حساب بنكى ببنك باركليز دبى، والخاص بشركة «ستار كابيتال فاينينشال سيرفس».

وتلقى المتهم الرئيسى الأموال بمشاركة بقية المتهمين، بغرض توظيفها فى مجالات عدديدة منها المضاربة بالبورصات العالمية والاستثمار العقارى داخل وخارج البلاد، بالإضافة إلى أنشطة أخرى، وقد تلقى الأموال من المواطنين تحت ستار المضاربة فى البورصات العالمية.

وتبين أن الأرباح كانت تصرف للعملاء دون أن يكون لهم ثمة دور فى التداول والمضاربة، حيث يقتصر دور العملاء على إيداع أموالهم بالنقد الأجنبى فى الحساب البنكى الخاص بالشركة المشار إليها، وتقوم الأخيرة بتحويل الأرباح التى يستحقها العملاء فى الحسابات البنكية للعملاء فى صورة تحويل بنكى من خارج البلاد إلى داخلها.

وكان المتهم يلتزم بسداد الأرباح لعملائه فى موعدها وكذلك أصول الأموال وقت طلبها، الأمر الذى بث الثقة فى نفوس عموم جمهور المواطنين بمشروعية ذلك النشاط، وتداول الحديث على مواقع التواصل الاجتماعى وبصفة خاصة «فيسبوك»، عن مدى التزام تلك الشركة فى سداد الأرباح، لكن مع بدايات عام 2014 تردد بين العملاء تعذر قيام الشركة بتحويل الأرباح المستحقة لعملائها، الأمر الذى أدى إلى ارتباك عملاء الشركة وترددهم عن الإبلاغ حرصا على عدم ضياع أموالهم، وأملا فى استحقاق أموالهم من خلال الشركة بعد إزالة أسباب تعثرها.

إلى أن تقدم المدعو محمد عنتر على أحمد ببلاغ يتضمن تضرره من الشركة لتلقيها منه مبلغ 10 آلاف دولار أمريكى وامتناعها عن رد تلك الأموال، ليقوم النائب العام بفتح تحقيق فورى فى البلاغ، وتوالت البلاغات على مكتب النائب العام ومباحث الأموال العامة لتتكشف تفاصيل أكبر قضية توظيف أموال فى العصر الحديث.

وتبين أن جميع الشركات المذكورة والتى تم استغلال اسمها من قبل المتهمين فى أنشطتهم، غير مقيدة بسجلات الهيئة العامة للرقابة المالية، ليكونوا بذلك ارتكبوا جرائم توجيه الدعوة للجمهور لجمع الأموال وتوظيفها دون ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية، ومزاولة نشاط تلقى الأموال دون ترخيص وتلقيهم أموالا من المواطنين وامتناعهم عن ردها، وتبين أن النشاط الإجرامى للمتهمين بدأ منذ عام 2010 وحتى عام 2014، وأن من ضمن المتهمين الرئيسيين هو رائد الشرطة عمرو سامى شفيق كريم، والذى بعث الطمأنينة والثقة فى نفوس الضحايا، بل واشترك بشكل مباشر فى النشاط الإجرامى من خلال شركته التى تحمل اسم «سى بى إيه» للتسويق وإدارة صناديق الاستثمار، وذلك بعد تعثر شركات المتهم الرئيسى فى بعض الأوقات.

أما المتهم الأول فقام باستخدام حساب بنكى يخص أحد شركائه فى شركة ستار كابيتال للتسويق، ويدعى محمد عصام محمد خاطر، صاحب شركة الشرق الأوسط للنقل البحرى، فى تلقى مبالغ مالية كبيرة من حساب الشركة بالخارج، ويقوم الأخير بسحب تلك الأموال وتوزيعها على بعض عملاء شركة ستار كابيتال، كأرباح حتى يتمكن من استمرارية نشاطه بعد أن بدأ يتكشف، وقامت السلطات فى دولة الإمارات بوقف التعامل على الحسابات نتيجة دعاوى قضائية أقيمت بشأن عمليات مريبة تتم من خلال الحساب.

وكشفت التحقيقات الأولية أن المتهمين تلقوا أموالا من أشخاص جاوز عددهم ألف مودع، وأن جملة الأموال التى تلقوها بلغت 62 مليون دولار أمريكى، إلا أنه وباستكمال التحقيقات وقرار النائب العام بالتحفظ على الأموال والممتلكات الخاصة بالمتهمين، أقر المتهم الأول بالواقعة وطالب بفتح حساب لتصفية أموال الشركة ورد الأموال للمودعين.

وقال فى طلبه الذى تقدم به عبر محاميه، أن عدد العملاء المصريين يبلغ 7749 عميلاً، وأن إجمالى المبالغ المستحقة 275 مليوناً و350 ألف دولار، إلا أنه تبين أثناء تفتيش الشركات بوجود مستندات وأوراق للعملاء تكشف أن حجم تلقى الأموال بلغ 2مليار دولار، أى ما يتجاوز 15 مليار جنيه، وأن عدد العملاء تخطى 10 آلاف عميل.

أما أول حكم قضائى مشدد يصدر فى قضايا «الفوركس» هو الحكم الصادر فى منتصف عام 2014، فى القضية رقم 1173 لسنة 2012 حصر جرائم اقتصادية، الخاصة بشركة «إسكاى لين بروكرز»، التى استولت وحدها على 65 مليون دولار أي نحو نصف مليار جنيه فى عام 2011.

وبداية هذه القضية كانت ببلاغات إلى النائب العام، من مجموعة من المواطنين، أبرزها البلاغ المقدم من هانى رياض القللى المحامى بصفته وكيلا عن قرابة 500 مواطن، يتضررون بتعرضهم لعمليات نصب واحتيال من عصابة يقودها وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالى، وأنها استولت على أموالهم بزعم تشغيلها فى البورصة وتوظيفها مقابل فائدة شهرية، لدى شركتين اتضح أنهما وهميتان، وعندما توجهوا لتحصيل الفوائد وجدوا مقر الشركات مغلق.

وعلى الفور كلف النائب العام نيابة الأموال العامة للتحقيق فى الواقعة، وكشفت تحقيقات النيابة ومحاضر جمع الاستدلالات أن المتهم الرئيسى فى القضية والمعروف عنه أنه أحد أبرز رجال وزير المالية الهارب، هو حكيم ناجى حكيم، الحاصل على بكالوريوس آداب من الجامعة الأمريكية.

والذى أكد المجنى عليهم أنه من قام بالاستيلاء على أموالهم، ومضى على إيصالات استلام الأموال منهم، فتم القبض عليه، ومواجهته بإيصالات الأمانة الموقع عليها والبالغة قيمتها من 6 أشخاص فقط من الضحايا مبلغ 20 مليوناً و684 ألف جنيه مصرى، و3 ملايين و728 ألفاً و300 دولار أمريكى، و67 ألفاً و900 يورو أوروبى، وبأقوال المجنى عليهم وبالتحقيقات والتحريات إلا أنه أنكرها، فتم حبسه على ذمة القضية.

وكشفت التحقيقات أن المتهم «ناجى»، لديه شريك آخر وهو فادى عادل صادق والذى كان يقوم بإرشاد المواطنين على المتهم الرئيسى مقابل «عمولة»، وأن العصابة قامت بتأسيس شركة «اسكاى لاين بروكرز»، التى تخصصت فى المضاربات الخاصة بالبورصة العالمية، وفتحوا من خلالها حسابات فى أربعة بنوك مصرية كبرى، وكان يستند إليها المتهمون فى خداع المواطنين وجمع الأموال منهم وتهريبها لحسابات خارج البلاد.

وتبين من التحقيقات أن الشركة وهمية وغير مقيدة بسجلات الشركات المسموح لها مباشرة تلك الأعمال، سواء توظيف الأموال أو المضاربة فى البورصة، وأنها كانت تقوم بتحويل الأموال لحسابات أخرى تخص شركة أجنبية.

ووجهت إليهم النيابة فى قضية واحدة تهماً، بأنهم فى غضون الفترة من بين عامى 2009 وحتى 2012، تلقوا أموالا من الجمهور بلغت جملتها 20 مليونا و684 ألف جنيه مصرى، و3 ملايين و728 ألفا و300 دولار أمريكى، و67 ألفاً و900 يورو أوروبى، لتوظيفها واستثمارها فى مجال المضاربة فى البورصات العالمية بنظام «الفوركس» وتجارة العقارات، وذلك حال كونها من غير الشركات المساهمة التى تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية.

المحامى هانى رياض القللى، وهو وكيل أكثر من 1000 ضحية من ضحايا «الفوركس»، وصاحب أكبر بلاغات قدمت للنائب العام ونيابة الأموال العامة، شرح نظام «الفوركس» وكيفية الإيقاع بالضحايا، حيث أكد فى البداية أن الفوركس هو نظام تداول فى البورصة العالمية من خلال شركات سمسرة، وهى شركات يتطلب فيها «ملاءة بنكية»، لدى الدولة المرخص فيها تصريح تلك الشركات بالتداول لصالح الغير.

وأضاف أنه فى مصر لم يتم تشريع لتنظيم التعاملات فى البورصة العالمية، كما أنه لا يوجد تشريع ينص على معاقبة القائمين على «الفوركس»، مما حدا بالشركات الأجنبية إلى فتح فروع بها بمصر دون الحصول على ترخيص، بالتحايل وبمساعدة مصريين.

وبدأ المصريون فى تأسيس شركات وهمية بالخارج بالاتفاق والمساعدة مع بعض العناصر الأجنبية الذين ساعدوهم على تأسيس هذه الشركات، وعلى إثر ذلك يتم تأسيس الشركة دون الحصول على الموافقة بمزاولة المهنة بالخارج، وتأتى تلك الشركات التى تسمى «تحت التأسيس»، والمعروفة باسم «أوفشور»، وبالأوراق التى يستخرجونها من الخارج، ويتقدمون بها إلى البنوك المصرية لفتح حسابات بها لاستقبال أموال العملاء.

وبعد ذلك يقومون بشراء برنامج من  شركة «نى – تريد»، وهى شركة متخصصة فى بيع البرامج الخاصة بالبورصات، وتقوم تلك الشركات باستئجار «سيرفر» بإحدى الدول الأجنبية، حتى يتم الاتصال بالشاشات الخاصة بعرض الأسعار بالبورصة العالمية، لإيهام العملاء بأنهم يتعاملون بالبورصة، بينما تلك الشركات فى الغالب لم يتم ترخيصها للتداول، أو الحصول على رخصة للمداولة فى البورصة العالمية أساسيا، فيصبح كل المتعاملين فريسة سهلة للنصب عليهم من خلال استقبال حساباتهم على البنوك المصرية دون اتصال فعلى بالبورصة، ويتم التحكم من خلال مجموعة من الأشخاص فى مصر، يقومون بالتعامل مع البرنامج لتحقيق مكاسب أو خسائر للمتعاملين، وتكون جميع هذه العمليات وهمية، لكون الشركات لا تتواصل مع البورصة العالمية فعليا لعدم وجود ترخيص لها.

ويستغل جهل المتعاملين بإعطاء أوامر بيع وشراء «وهمية» من خلال البرنامج الذى يشترونه من الشركة التى تبيع برامج البورصة العالمية، ويقنعون عملاءهم بأن لديهم خبرة فى التعامل من خلال مندوبيهم، وبعد فترة وجيزة يخبرون عملاءهم بالخسائر، مع أنها لم تحدث من الأساس.